التعطل والتعطيل والحقيقة الكاملة لما يحدث في تطبيق حضوري

التعطل والتعطيل والحقيقة الكاملة لما يحدث في تطبيق حضوري
  • آخر تحديث

يعد التعليم الركيزة الأولى في بناء أي مجتمع مزدهر، فهو ليس مجرد عملية نقل للمعرفة، بل منظومة متكاملة تقوم على الإبداع والثقة والاحترام المتبادل بين جميع عناصرها، نجاح التعليم لا يتحقق بوجود مباني مدرسية حديثة أو أجهزة تقنية متطورة فحسب، بل بوجود بيئة تعليمية مريحة تقدر المعلم وتمنحه المساحة الكافية للإبداع والعطاء.

التعطل والتعطيل والحقيقة الكاملة لما يحدث في تطبيق حضوري 

فحين يكون النظام التعليمي قائم على الثقة، خاصة في المعلمين والمعلمات، يصبح التعليم أكثر إنسانية وتأثير في صناعة أجيال قادرة على التفكير والإنتاج والمشاركة في تطوير الوطن، التعليم هو مرآة المجتمع، وكلما ازداد وعي وتنظيم وشفافية، انعكس ذلك على نهضة الأمة واستقرارها.

المناهج العصرية ودورها في تنمية القدرات

تتجدد المناهج التعليمية الناجحة باستمرار لتواكب احتياجات المجتمع ومتغيراته، فالمناهج ليست مجرد مواد تدرس، بل هي أدوات لتكوين شخصية الطالب وتنمية فكره النقدي والإبداعي.

من الضروري أن تشمل المناهج تخصصات حديثة تلبي احتياجات سوق العمل في القطاعات المتنوعة، وأن تدمج بين الجانب الأكاديمي والمهاري.

هذا التكامل يتيح للخريجين فرص أوسع للعمل سواء في القطاع الحكومي أو في القطاع الخاص الذي بات يمثل محور رئيسي في التنمية الاقتصادية الحديثة.

المعلم ركيزة العملية التعليمية

المعلم ليس مجرد ناقل للمعلومة، بل هو الموجه والملهم الذي يزرع في طلابه القيم والمعرفة معا.

لذلك، يجب أن تبنى العلاقة بين المعلم والمؤسسة التعليمية على الثقة، لا على المراقبة المفرطة أو الإجراءات البيروقراطية التي تحد من الإبداع.

إن قياس أداء المعلم لا ينبغي أن يختصر في حضوره اليومي أو التزامه بساعات محددة، بل في جودة ما يقدمه داخل الفصل، ومدى قدرته على التأثير في طلابه إيجابا.

الأنظمة الإدارية وضغط الروتين

تعاني بعض المؤسسات التعليمية من أنظمة تركز على الشكل دون المضمون، كأن يتم تقييم الموظف على أساس حضوره وانصرافه فقط، بينما يتم تجاهل إنتاجيته ومساهمته الفعلية.

مثل هذا النظام حين يطبق على المعلمين، يفقد العملية التعليمية روحها، لأن المعلم يصبح أسير لساعات عمل جامدة بدلا من أن يكون منشغل بتطوير نفسه وطلابه.

في المقابل، الثقة بالمعلم هي التي تخلق بيئة تعليمية منتجة، يشعر فيها المعلم بالانتماء والمسؤولية تجاه رسالته.

الاستفادة من الأوقات المهدرة

بدلا من أن يقضي المعلمون أوقات الانتظار دون فائدة في المدارس، يمكن تحويل هذه الفترات إلى فرص للنشاط والتفاعل الثقافي.

يمكن تنظيم زيارات ميدانية للطلاب إلى المتاحف والمعالم التراثية، أو إقامة ورش عمل فنية وثقافية بإشراف المعلمين في مجالات مثل الرسم والموسيقى والكتابة والإلقاء.

هذه الأنشطة لا تثري الطلاب فحسب، بل تعيد للمعلم شغفه بالمهنة وتكسر الجمود اليومي في المدرسة.

النموذج الجامعي في منح الثقة

في الجامعات حول العالم، يمنح الأساتذة حرية واسعة في إدارة وقتهم وطريقة تدريسهم، وهو ما يعكس مستوى الثقة العالي في قدراتهم.

كثير من الجامعات العريقة لا تشترط على أساتذتها تسجيل الحضور أو الالتزام الصارم بالجداول، ومع ذلك نجد أن الطلاب يقبلون على محاضرات الأساتذة المتميزين رغبة في الاستفادة، لا خوف من الغياب.

هذه التجربة تثبت أن الثقة تخلق الالتزام الحقيقي، بينما المراقبة المفرطة تولّد مقاومة سلبية.

نموذج أكاديمي ملهم

يروى عن أحد أساتذة الجغرافيا السياسية في جامعة الملك عبدالعزيز، الدكتور حسين بندقجي، أنه كان يدرس مادته بطريقة شيقة تماما من دون الاعتماد على كتاب أو مذكرات، وكان لا يهتم بتسجيل الحضور والغياب، ومع ذلك كان مدرجه مكتظ بالطلاب، بمن فيهم من لا يدرسون المقرر أصلا، هذا المثال يختصر المعنى الحقيقي للتعليم القائم على الشغف والثقة والتأثير.

الإصلاح التعليمي لا يتحقق بتعقيد الأنظمة أو تكثيف الرقابة، بل بخلق بيئة تزرع الثقة في المعلم وتعيد إليه مكانته ودوره المحوري. حين يشعر المعلم بأن جهده مقدر، فإنه سيمنح طلابه كل ما لديه من معرفة وخبرة وإبداع.

التعليم هو صناعة المستقبل، والمعلم هو قلبها النابض، والثقة به هي الخطوة الأولى نحو نهضة حقيقية ومستدامة.